هذه الصفحة تعتمد على صفحات الطرز المتراصة (CSS)
|
2005/04/08

السُباطة المُحرمة – أو كيف تَعَلَّم القرود أن يَكُفّوا عن التَّساؤل و أن يَتَّبِعوا ما وجدوا عليه أسلافهم

وُضعت مجموعة من القرود في غرفة ذات جدران معدنية تتدلىٰ في منتصفها سباطة موز مغرية.

كان مراقبون كلما اقترب قرد من السباطة يطلقون تيارا كهربيا في أرضية الغرفة فيفزع القرود جميعهم و يبتعدون عن السباطة.

يتقدم قرد مغامر عنيد ليحاول الظفر ببعض ما يتدلىٰ من سقف الغرفة، فيتكرر سريان الكهرباء، و تتكرر البلبلة و الألم و الفزع.

لأن القرود ذكية و تتعلم من تاريخها، فقد أدركت المجموعة بعد بضع مرات أن محاولة الاقتراب من السباطة المتدلية يتلوها الألم، لذلك كفّت القرود عن محاولة النيل مما في السباطة و اكتفت بما يقدم لها من طعام غيرها، و إن لم يكن شهيا و مثيرا للرغبة مثل السباطة.

أخرج المراقبون قردا من الحجرة و أدخلوا بدلا منه قردا آخر لم يشهد ما حدث من قبل في الغرفة.

تقدم القرد الوافد بخطوات واثقة نحو السباطة و هو يكاد يتذوق طعم الموز الشهي في فمه، فانقض القرود المخضرمون عليه يجذبونه و يضربونه حائلين بينه و بين الفتنة الصفراء البراقة.

اختلط ألم القرد الوافد بدهشة عارمة، و هو يصد عن نفسه الهجوم غير المفهوم.

انسحب متراجعا لاهثا مستغربا و هو يحاول أن يفهم سبب تصرف القرود؛ فالموز وفير يكفيهم جميعا، ثم إن السباطة تتدلىٰ من قبل أن يأتوا به إلىٰ هذا المكان الغريب و بدا له أنهم زهدوه أو علىٰ الأقل لم يتصارعوا عليه بسبب رغبتهم فيه و ندرته!

قرر أن يحاول مرة أخرىٰ، لعل هجوم القرود ليس سببه دنوه من السباطة بل أي سبب آخر غاب عنه.

دار حول السباطة دورة واسعة..خطا خطوات مترددة نحو السباطة..ازدادت خطواته اتساعا و سرعة و هو مصمم علىٰ النيل منها.

تنبه القرود و هاجوا و صرخوا و انقضوا عليه و بدا أنهم مصممون علىٰ منعه.

زاد عناده و إصراره، صرخ، دفع، عض، قفز، لطم..تكاثروا عليه و غلبوه.

انزوىٰ القرد الوافد يتحسس إصاباته و يدير النظر بين السباطة المتدلية و بين القرود الأخرىٰ التي انصرفت عنه إلىٰ شؤونها، و إن لم ينسوا وجوده.

بعد محاولة أخرىٰ أصابه منها ما أصابه في سابقتيها، تعلم القرد الوافد أن يكتفي بالطعام الذي يأكل منه القرود الآخرون و أن يتناسىٰ رغبته في المغرية الصفراء.

أُُخرج قرد آخر من المخضرمين حل محله قرد وافد جديد.

تكرر معه ما حصل للوافد قبله..حتىٰ هذا الأخير كان يشترك مع القرود الآخرين في الهجوم علىٰ آخر القرود وصولا، ربما بدا له أن هذا هو التصرف الصحيح..فإن لم يستطع هو الوصول للسباطة فلماذا يستطيع غيره.

استمر الحال هكذا، يخرج قرد من قرود المجموعة الأصلية و يحل محله قرد وافد جديد.

محاولة أو محاولتان من القرد الوافد، كل حسب شجاعته، أو أحيانا غبائه، ينال فيها نصيبه من الضرب و الركل و العض و النهر، فلا يعود بعدها إلىٰ المحاولة، بل قد ينضم هو إلىٰ شرطة السباطة التي تحول بين أي قرد و بينها.

بعد عدة تبديلات للقرود، جاء وقت لم يعد فيه يوجد في الغرفة أي من القرود الأصليين الذين صعقتهم الكهرباء.

لكن الحال استمر كما كان عليه، إذا حل وافد جديد علىٰ المجموعة فإنه سرعان ما يتعلم أن السباطة محرمة، و إن لم يعد أحد يعرف لم هي محرمة.

الآن يقف قرود خارج الغرفة، يراقبون ما يحدث داخلها و يتعجبون و يهزون رؤوسهم و هم يقضمون موزات يمسكون بها.

13:30 09-04-2005

هذه هي المرة الرابعة أو الخامسة السابعة أو الثامنة التي أنشر فيها هذه التدوينة بعد اختفائها في المرات السابقة. الرحيل عن بلوجر أصبح واجبا.

23:30 22-04-2005

نشرت صحيفة الدستور هذه التدوينة في عددها الخامس الصادر بتاريخ 20\04\2005 في صفحة مدونات و يوميات بتصرف في العنوان و الترقيم.

إلىٰ مُراجع صحيفة الدستور: كيف في العنوان ليست استفهامية بل خبرية مفسرة، و كذلك لِمَ في الفقرة قبل الأخيرة، و لا تستوجبان علامة استفهام في آخر الجملة.

04:55 23-05-2005

هذه القصة ليست تجربة علمية حقيقية و ليست من تأليفي. كنت سمعت ما يقاربها منذ فترة و إن كنت لا أعلم مصدرها الأصلي.

(8) تعليقات

  1. ها ها!!

    رائعة جدّاً…
    فضولي العلمي يدفعني للتساؤل عن مرجع التجربة الأصلي!

    ـ

    الغريب أنّ القرود في الحقيقة خائفون على القرد الجديد…
    يعني يحاولون حمايته، وهو يظنّ أنّهم يحاولون قتله.
    بس السؤال.. لماذا لم يترُكْه القرود يتعلّم الدرس بنفسه، وبالتالي يخشى الموز بدلاً من أن يكرههم؟

    على العموم كلامك يؤكّد أنّنا يجب أن “نسمع الكلام” :)
    ـ

    خُلِق الناسُ عبيداً
    للذي يأبى الخضوع
    فإذا ما هبّ يوماً
    ثائراً ثار الجميع
    جبران

      R @ 21:35 2005/04/08

  2. ابتسامة ارتسمت على وجهي و أنا أقرأ
    تحولت لضحكة لاحقا
    هززت رأسي و غادرت مقعدي امام الكمبيوتر و انا أقشر موزة و ألتهمها…

      Mohammed @ 06:30 2005/04/09

  3. i like it ,very smart, tall us more
    emil

      لَهو خَفي @ 18:23 2005/04/09

  4. القرود تصارع لتأكل. وثمّة مَن، وراء الكواليس، يصرعها ويأكلها.

    مساكين نحن البشر، أقصد القرود..

    بخصوص ملاحظتك عن بلوجر:
    فليسقط بلوجر!! استغرق منّي تدوين هذا التّعليق ربع ساعة! ولكنّني صمدت ولسان حالي يقول: “يا أنا يا أنت، أيّها البلوجر!” :-)
    بالمناسبة، هل من الممكن أن يخطر له فجأةً مسح كلّ ما كتبناه على مدى شهورٍ وسنوات؟

      Eve @ 21:38 2005/04/09

  5. تفتكر بعد كام جيل فيه قردهايدخل الغرفة ومش هايفكر يبص ع السباطة أساسا؟

      مصراوى @ 12:41 2005/04/10

  6. أول تعليق لى
    احم احم
    تفتكر لأمتى هيفضل فيه قرود على وجه البسيطة
    ولا هينقرضوا
    من قلة أكل الموز

    شكراً جداً

      حــلم @ 00:09 2005/04/13

  7. بما انكم هنا بتتكلموا عن القرود اًصدقائي، وجدت انه يجب ان تعلق الست نعامة، الحكاية ديه عبرة لكم يا بني الانسان، عشان تتعلموا تسمعوا الكلام وكمان تستفيدوا من تجارب الآخرين. ونقول كمان: آدي جزاة اللي ما يسمعش كلمة ماما تقولها :-)

      الست نعامة @ 13:29 2005/04/13

  8. نشر حسن القاضي ذات التدوينة لتوه.

      صاحب الأشجار @ 02:10 2005/05/16

عذرا، التعليقات مقفلة.