هذه الصفحة تعتمد على صفحات الطرز المتراصة (CSS)
|
2006/09/29

حديث نووي

بينما خرجت الصحف علينا بمانشيتات تعلن أن الرئيس يدعو لإقامة حوار وطني حول تبني الخيار النووي لتوليد الطاقة، نجد أن بعض الكتاب فهموا أن الحوار الوطني هو حوار الحزب الوطني مع نفسه، و تحديدا اجتماعات لجنة السياسات التي يبدو أنه دعي إليها و أنه بذلك يكون الأمر قد انتهي! و لا ينقصنا سوىٰ لافتة تعلن أن ثمانين مليون مواطن مشتاقين للنووي بمن فيهم العجل في بطن أمه.

الخيار النووي الذي طرحه جمال مبارك في المؤتمر الرابع للحزب الوطني خلال جلسة بدائل الطاقة و أبدت الولايات المتحدة مؤشرات إلىٰ أنها يمكن أن تتعاون مع مصر فيه و رحبت به فرنسا يمكن أن نفسره علىٰ أنه أحد أمرين:

هو في أسواء الأحوال خطوة الهدف منه معادلة القوة النووية الإيرانية من وجهة النظر الأمريكية التي تتبناها حكومة مصر، و هو فرصة للحكومة لطرح قضية تبدو في الظاهر هامة و استراتيجية و خطوة شجاعة و تكون في ذات الوقت مدخلا جمال مبارك إلىٰ قلوب الجماهير اقتداء بأحمدي نجاد الذي نال احترام الشعوب العربية و المصريين لموقفه الصلب في مواجهة ضغوط أمريكا، كما يرىٰ فردريك رشتر في موقع العروبي؛ و هنا يبدو أنه سيكون من المتوقع منا أن نتعلم أن نكف عن القلق و أن نحب القنبلة.

يُرجِّح من وجاهة هذا التفسير ما حدث من تفكير في إعادة تخصيص الأرض التي كانت مخصصة لإنشاء محطة نووية في الضبعة و بيعها لمستثمر في السياحة و هو ما أحدث جدلا في بداية عهد حكومة أحمد نظيف في 2004؛ و كذلك سؤال يؤرقني: أين كان المجلس الأعلىٰ للطاقة الذي انعقد الأسبوع الماضي لأول مرة منذ عشرين عاما! و هو المخول بالتخطيط الاستراتيجي لشؤون الطاقة بما فيها مشروعات أنفقت فيها مليارات خلال هذه السنوات.

في السيناريو الأفضل قليلا سياسيا، تكون هذه الخطوة استغلالا للظروف الدولية لإعادة إحياء البرنامج النووي المصري الذي تعطل منذ الثمانينيات، بداية عصر الرخاء و الاستقرار المعروفين. لكن التمسك بخطط قديمة لإنتاج الطاقة في ظل التغيرات التي جعلت الوسائل النظيفة لإنتاج الطاقة أكثر جدوىٰ و أمانا يحتاج إلىٰ مراجعة.

سؤال آخر يؤرقني أكثر من السابق: أين كان هذا التوجه منذ بضعة أشهر عندما كانت الوعود الانتخابية بالنعيم القادم تتدفق من كل مخرج إعلامي حكومي! عندها لم تكن جذوة الوحي قد انطلقت من واشنطن بعد، و لم نكن اكتشفنا أن الطاقة النووية هي أساس التنمية .

أنا إن كنت أيدت حق إيران في امتلاك برنامج نووي سلمي أو حتىٰ عسكري إن هي اختارت، من منطلقات سياسية و إن كنت لا أحض عليه من منطلقات بيئية، فإني أرفض أن يكون لمصر برنامج مماثل.

وجود مفاعل نووي في مصر، و لو للأغراض السلمية، سيؤدي إلىٰ فقدان مصر القدرة علىٰ الضغط علىٰ إسرائيل لوقف برنامجها النووي. ليس أن مصر كانت تمارس هذا الضغط بشكل فاعل، فالحقيقة أنها كانت تستخدمه كورقة إعلامية في الأوقات المناسبة فقط لكنها لم تضع هذا الهدف نصب عينيها بشكل جدي في أي وقت. وجود برنامج نووي سلمي في إسرائيل هو أخطر علىٰ مصر من سلاح نووي في إيران. لن نسمع بعد اليوم عبارة شرق أوسط خال من أسلحة الدمار الشامل علىٰ لسان الرئيس.

الخليجيون أنفسهم لم يجمعوا علىٰ أن وجود برنامج نووي في إيران هو تهديد مباشر لهم و العقلانيون منهم غير المهووسين بضلالات الشيعة و السنة يدركون أن إيران لن تسعىٰ يوما لضرب دولهم - و إن كان يوجد من له هذه الرؤية البارانوياوية - إلا أن مخاوفا أخرىٰ من قبيل عناصر الأمان الصناعي و خشية وقوع حوادث نووية في ظل وقوع منشأة بوشهر النووية الإيرانية علىٰ الخليج الفارسي في مكان هو أقرب إلىٰ دول الخليج العربية منه إلىٰ العاصمة الإيرانية هي مخاوف مشروعة و مبررة. طالع توصيات مؤتمر مخاطر وتداعيات الانتشار النووىٰ الذي اختتم أعماله منذ أسبوعين في المنامة و ارتياح إيران لنتائجه.

و فيما لا يختلف كثيرا عن التصريح بصرف مفاعل لكل مواطن نجد من يرىٰ أن مصر تحتاج إلىٰ إنشاء عشرين محطة نووية دفعة واحدة!

فإذا كانت تكلفة إنشاء و تشغيل المحطات النووية، و كذلك إرث كارثة تشيرنوبل التي حولتها و ما حولها إلىٰ مدن أشباح و التي تؤكد علىٰ أهمية وسائل الأمان و خطط مواجهة الكوارث، من ضمن العوامل التي ساهمت في تأجيل الخيار النووي لتوليد الطاقة منذ عشرين عاما، فإن الأمر لم يتغير كثيرا الآن في هذا الخصوص.

لدىٰ مصر مفاعلين نوويين بحثيين بطاقة صغيرة، تختلف ظروف تشغيلهما تماما عن تشغيل مفاعل (أو مفاعلات) لإنتاج الطاقة بكمٍّ كبير و لا تجب المقارنة بين الحالتين أو الدفع بأن لدىٰ مصر خبرات متراكمة في هذا المجال منذ سنوات.

مفاعل نووي

دخول مصر مجال إنتاج الطاقة بالاعتماد علىٰ التقنية النووية سيؤخر تبني وسائل إنتاج الطاقة النظيفة المتجددة المسالمة، من الرياح و الشمس و الطاقة الحيوية، و هي و إن لم تكن لتفي بكامل الاحتياجات من الطاقة فورا بالتقنيات الحالية إلا أن تبنيها كخيار استراتيجي إن صحبه دعم و ترويج التقنيات الحديثة الموفرة للطاقة و التوعية الترشيدية و دعم المشروعات الاقتصادية القائمة علىٰ تصنيع و تجارة و خدمة هذه التقنيات مع تقليل المركزية في إنتاج الطاقة من تجلياتها: إيصال الكهرباء كمستند مطلوب لمعاملات حكومية عديدة و تشجيع الانتاج و الاستهلاك المحليين للطاقة و تبادل الفائض فيها، هو أضمن علىٰ المدىٰ الطويل و أكثر جدوىٰ اقتصاديا و بيئيا كما تعلمت دول سبقتنا إلىٰ أزمة الطاقة منذ عقود. فالولايات المتحدة نفسها لم يُبن فيها مفاعل نووي واحد منذ 1978.

لدىٰ مصر محطة تجريبية لإنتاج الطاقة من الريح في الزعفرانة هي إحدىٰ أكثر المحطات جدوىٰ في العالم بسبب طبيعة الرياح في المنطقة مما دعا مشروعات معونة تنموية عديدة أوروبية و يابانية إلىٰ تمويل مراحل عدة فيها.

توضح دراساتٌ جدوىٰ إنتاج الطاقة الحرارية من الشمس في مصر بسبب أن الشمس لا تغيب عن معظم أراضيها أبدا و لا حتىٰ تحجبها السحب، كما أن لدينا فائضا في العمالة الفنية يمكن تدريبها بحيث تكون منتجة محليا ثم تنتقل إلىٰ إشباع الأسواق الخارجية في المنطقة بالخبرات و الخدمات في إنشاء و صيانة منشآت و شبكات إنتاج الطاقة، ثم بالبيع المباشر للفائض من الطاقة، الذي هو حتما أكثر جدوىٰ من بيع الغاز لإسرائيل؛ الغاز الذي تدعي الحكومة أن برنامجها النووي يأتي لمواجهة نفاذه القريب.

عودنا مسؤولونا الملهمون دائما أن يفاجؤنا بإجابات لمشاكل مزمنة كانوا يتجاهلونها تماما و كأن الحلول التي يقترحونها لم تخطر علىٰ بال بشر من قبل، فأصبحت الطاقة النووية هي الإجابة لمسألة النضوب الحتمي للطاقة الأحفورية، و هي إجابة خاطئة كما يري صاحب الأشجار.

تقنيات إنتاج الطاقة من المصادر المتجددة هي الأمل الباقي للتغلب علىٰ مشاكل نقص الطاقة و جانب من مشاكل التلوث و إستحداث صناعة نكون روادا فيها، بضربة واحدة، إلا أننا نترك كل هذا إلىٰ الخيار النووي الأمريكي الذي نكون فيه مجرد مستهلكين لتقنيات مستوردة تفوق مقدرتنا علىٰ تطويرها، و هو كذلك خيار لا يبني صناعة و لا يوظف عمالة و يضر حتما بالبيئة علىٰ المدىٰ الطويل، لأن الطاقة النووية لن تكون أبدا آمنة، بسبب طبيعتها.

أين سندفن نفاياتنا النووية بعد بضعة سنوات عندما تبدأ أولىٰ دفعات الوقود النووي في النضوب؟ سنضطر لاقتطاع مساحات من الصحراء و إعلانها مناطق محظورة لندفن فيها النفايات النووية التي تمتد أعمار النصف منها إلىٰ عشرات الآلاف من السنين، و هو خيار اتخذته قبلنا دول مثل الولايات المتحدة منذ عقود لتكتشف بعد سنوات عديدة أنه لم يكن آمنا كما صور لهم وقتها. مساحة مصر ليست كبيرة بما يكفي لتحمل مثل هذا العبئ.

نقطة أخرىٰ نضعها في كفة المعارضة لبرنامج نووي هي أن وقوع حادثة نووية، في ظل الفشل الذريع للحكومة في مجابهة الأزمات بشكل عام و في ظل عدم قدرتنا كمجتمع عموما علىٰ الأداء الدقيق هل تذكر الإبرة المشعة في القليوبية، قد يكون كارثيا و بالذات إذا ما رأىٰ مسؤول مثل الدكتور عبدالحميد زهران رئيس هيئة الطاقة الذرية الأسبق أن تكلفة إنشاء المحطة العادية يقترب من النووية أي أن المحطة النووية ستبنىٰ بتكلفة مقاربة لتكلفة إنشاء محطات الكهرباء التقليدية التي تعمل بالديزل أو الغاز!

تتغير معادلة الجدوىٰ النووية تماما في حالة مصر عندما نأخذ في الحسبان فرص إنتاج الطاقة من المصادر النظيفة المتجددة و كذلك عوامل الأمان و العوامل الاجتماعية و الاقتصادية و الوقع علىٰ البيئة و تكلفة التخلص من النفايات و مخاطر الحوادث؛ و هي عوامل أشك أن لدىٰ المؤسسات المصرية حاليا منهجيات أو نماذج لموازنتها.

من أجل درء العين و سد الطريق علىٰ من يروجون البدائل المتجددة لإنتاج الطاقة تحشر في التصريحات الحكومية في الصحف كلمات الطاقة الجديدة و المتجددة للإيحاء بأن هذه البدائل كلها يتم دراستها بنفس الوزن، يسهل مهمتهم أشخاص مثل المذكور في بداية هذه التدوينة.

علىٰ الهامش النووي المصري لا بد لنا من ذكر السيد المحترم محمد البرادعي، مدير الوكالة الدولية للطاقة النووية الذي أكن له شخصيا احتراما عميقا لأنه استطاع خلال السنوات القليلة الماضية أن يحافظ علىٰ حرفية مهنية مصحوبة بحنكة سياسية دون أن يخضع للضغوط الأمريكية التي لا بد و أنه يتعرض لها لحرف موقف الوكالة من إيران ليتطابق مع الموقف الأمريكي العدواني فتصبح الوكالة هي التخريجة الشرعية الدولية لسياسة أمريكا مع إيران. هو الرجل الذي لم أفهم علىٰ الإطلاق دافع بعض الناس لاتهامه بالتخذال و بالعمل لصالح أمريكا عندما فاز بجائزة نوبل للسلام السنة الماضية و التساؤل عن دلالات سياسية خفية لذلك الفوز.

00:59 31-12-2006

هناك من هم أعلم مني في الموضوع و لهم نفس الرأي الذي طرحته أعلاه؛ في أكثر من نقطة؛ كما أن هناك آخرون رأيهم يزيد من معقولية الرؤية التي طرحتها أعلاه.

(9) تعليقات

  1. همممم

    موضوع محتاج مناقشات عميقة أشاركك الانحياز المبدأي للطاقة النظيفة لكن لا يعني أبدا التخلي عن التفكير بشكل جدي في الطاقة النووية.

    مبدأيا طبعا ملوش أي لازمة حاجة تجيب كوارث في الوضع الحالي ده، كل الشواهد بتقول أننا منعرفش نشغل حاجة من غير ما تسرب أو تنهار تماما.

    و برضه مبدأيا كما قال الحاج جاندالف
    Perilous to all of us are the devices of an art deeper than we
    ourselves possess.

    لكن لو افترضنا جدلا أننا في يوم من الأيام هنبقى بلد عايش فيها بني أدمين و كده يعني و العملية مش هتفضل مضلمة على طول هل ممكن نختار النووي؟

    فرنسا و جنوب أفريقيا عندهم تجارب ناجحة اقتصاديا و التبني الباكر للتكنولوجيا بيتيحلك مزايا عديدة مش بس مخاطر، من المؤكد أن فرنسا مثلا هتكون من أقل الدول اللي هتعاني من تناقص مخزون الوقود الأحفوري.

    في نفس الوقت ممكن نقول أن فكرة الدقة اللامتناهية فكرة غربية لا يمكن تنطبق أبدا على مجتمعاتنا أو أنها خدعة و مش حاصلة و الناس دي كلها ماشية بالبركة (كان فيه فضيحة صغننة في واحد من المفاعلات اللي بتقدم طاقة لباريس سنة 2000 مش فاكر تفاصيلها).

    و طبعا متنساش أن النووي هي الوسيلة الوحيدة اللي ممكن تنفع في سفن فضاء تجوب المجرة كلها و الموضوع ده اتأخر زيادة عن اللزوم زهقت بقى من الشمس و عايز أشوفلي نجم تاني.

      Alaa @ 03:34 2006/09/30

  2. موضوع كبير بالطبع لا أدعي الالمام به ، و لكنني عندما قرأت مثلك عناوين الصحف الصحف ، ارتعدت !
    كيف لحكومة فشلت في فشلت في رص الأسفلت و بناء الأرصفة و تسيير قطار على قضيبان أن تبني مفاعلاً نووياً !
    أنا مع مصادر الطاقة النظيفة قلباً و قالباً ، و أرى أننا ضيعنا وقتاً كثيراً دون استغلال قدرة الطبيعة في مصر على إنتاجها.
    و لو أصرّوا على النووي بقى.. يبقى مبروك علينا السرطان يا رجالة !

      شريف نجيب @ 06:23 2006/09/30

  3. - ما فهمتش قوي العلاقة بين تبني الخيار النووي والتوقف عن الدعوة إلى إنشاء منطقة خالية من السلاح النووي، واستمرار استخدام تلك الورقة في الضغط الإعلامي على اسرائيل (التي لا أعتقد أننا نستطيع أن نقوم بأي شئ أكثر من ذلك في هذا الخصوص)
    - لا أؤمن كثيراً بالطاقة النووية ولكن أعتقد أننا نحتاج أن نعرف أكثر عن الاستخدامات الأخرى التي يمكن أن نستفيد منها من امتلاك هذه التكنولوجيا (بخلاف الطاقة الكهربائية والسلاح)
    - أعتقد أن مشروع الزعفرانة قد مضى عليه وقت طويل فما هي النتائج التي وصل إليها حتى الآن؟
    - لم أفهم لماذا لم تتكاتف فنادق ومنتجعات البحر الأحمر حتى الآن لتمويل محطة كهرباء بالرياح أو استخدام أفضل للطاقة الشمسية
    - المشكلة أن يدخل البحث عن تطوير مصادر الطاقة إلى المزايدات السياسية والدعاية الاعلامية للمشروع النووي مثل كل ما نقوم به في مصر ونستمر في تطورنا إلى الوراء

      darsh-safsata @ 10:34 2006/09/30

  4. علاء، غالبا على ما ييجي اليوم ال نبقى فيه بلد عايشين فيها بني آدمين هتكون فيه الوسائل المتجددة لإنتاج الطاقة تغنينا عن النووي. أنا مش شايف أن النووي حتمي.

    شريف، أنا لا أدعي الإلمام بالموضوع بشكل متخصص، لكني باحاول أفكر في حدود المعطيات الموجودة للجميع، و في ظل قناعات معينة طبعا، لغاية ما ألاقي أن غيرها أحسن.

    العلاقة بين الطاقة النووية و التوقف عن إنشاء منطقة خالية من السلاح هي أن الفصل بين الاستخدام السلمي للطاقة النووية و إنتاج السلاح صعب جدا.

    فرنسا التي رحبت بالحماس النووي المصري أظن أنها ضمن المتخوفين من استخدام إيران الطاقة النووية، مع أن إيران تعلن في كل تصريح أن برنامجها هو للاستخدامات السلمية و بالرغم من أن الوكالة الدولية للطاقة النووية قررت عدم وجود مؤشرات على خطوات لبرنامج نووي حربي في إيران. طبعا فرنسا و الأوربيين عموما أكثر اعتدالا في موقفهم من أمريكا.

    المسألة متداخلة جدا. مثلا، في تاريخ البرنامج النووي المصري، في الثمانينات، نصت اتفاقية مع أستراليا على أن ترجع مصر كل المواد النووية المشتراة من استراليا في حال تفجير مصر لحهاز نووي، مع أن الاتفاقية كانت في مجال الطاقة النووية السلمية.

    بالتالي، من الصعب جدا أن تواصل الدعوة إلى إخلاء الشرق الأاوسط من السلاح النووي في ظل امتلاكك تقنيات نووية، لأن من السهل جدا التلكيك و الاستعباط و الإدعاء بأن أنت نفسك عندك سلاح نووي.

      ألِف @ 16:03 2006/09/30

  5. هذه الدعاية النووية لم تتضح أبعادها بعد. لكن الشاهد أن هناك محاولة لركوب موجة الطاقة النووية بحثاً عن التفاف شعبي غائب بهدف تلميع صورة الحزب الوطني و جمال مبارك. أعتقد أنه في أحسن الأحوال، فإن الجبل سيتمخض فيلد فأراً: مشروعاً للطاقة بلا أسنان.. لا يعطي القوة الضائعة ولا يمنح جسد الوطن العافية التي نفتقدها بشدة. وأعود فأقول إنني لا أستطيع استبعاد الطابع الدعائي في هذا “الخطاب النووي” الذي يداعب أحلام كثيرين ويتحدث عن مدى طويل اعتماداً على ضعف ذاكرة البعض وانشغال العامة بأمور حياتهم اليومية

      yasser_best @ 17:16 2006/09/30

  6. كلام جميل

    طبقا لأخبار سمعتها من صديق فالموضوع يلقى دعما أمريكيا. من الأكيد أن المشروع سينم أنشاؤه بتقنية أمريكية. طبقا لنفس الصديق فقد تم الإتفاق مع الجانب الأمريكى قبل الإعلان عن الخطة.

    يعنى المفاعلات فى الطريق شئنا أم أبينا.

    و يالتالى فالمناقشة هنا مناقشة “أكاديمية”. لكن ما علينا. ندلى بدلونا فى الموضوع.

    أولا:

    الخيار النووى يلقى العبء على الأجيال القادمة. تخزين و تأمين النفايات النووية مشكلة معقدة و مكلفة.

    أحد المشاكل التى تخص دولة كمصر من هذه الناحية هى أن امتلاكنا لمفاعلات نووية يقتضى أن يكون لدينا منظومة لتخزين النفايات. من يضمن أن الحكومة المصرية لن تقبل تخزين نفايات “مستوردة” فى المستودعات المصرية؟ خاصة مع تضييق معايير الأمان فى الاتحاد الأوروبى.

    هذه قضية مهمة جدا و تتكرر فى مجالات عديدة. أوروبا تتضيق قوانين البيئة فتتجه الاستثمارات فى هذه الصناعات الغير ملائمة بيئيا إلى أماكن اخرى. مثلا مصانع السيراميك و الأسمنت.

    من يضمن أيضا أن مصر لن تبنى عدد كبير جدا و مبالغ فيه من المحطات النووية و ينتهى بنا الحال كمصدرين للطاقة لأوروبا (كى تبقى أوروبا نظيفة و آمنة).

    ثانيا:

    طاقة الرياح و الطاقة الشمسية لهما إحتمالات ممتازة فى مصر. فى الواقع (وهذه فكرة من وحى اللحظة) تكوين وادى النيل ملائم جدا لهذه النوعية من الطاقة خاصة فى الصعيد. تخيل بناء شريط من طواحين الهواء على الطرف الصحراوى (الأكثر إرتفاعا) بطول الوادى. معنى هذا أن المسافة بين مكان إنتاج الطاقة و مكان استهلاكها ستكون قليلة. و هذه الطاقة رخيصة نسبيا و آمنة على المدى الطويل.

    ثالثا:

    نتيجة للخطورة العالية للطاقة النووية فاحتمال تطويرها محليا “معدوم”. تطوير مصادر الطاقة المتجددة كطاقة الرياح و الطاقة الشمسية يمكن أن يتم محليا و هذا أمر ضرورى جدا لتنشيط البحث العلمى و الصناعة فى مصر و أيضا لتوفير فرص عمل للعناصر المتميزة من الشباب المصرى و الحد من “هجرة العقول”.

    الخلاصة:

    أعتقد أن الخيار النووى فى الظروف الحالية خيار ردئ. النتيجة المتوقعة هى إنفاق المليارات على إنشاء و تشغيل محطات نووية لن ينفق منها مليم واحد داخل مصر.

    سؤال:

    لماذا ـ إذا كانت مصادر الطاقة الأحفورية على وشك النضوب فى مصرـ نصدر الغاز الطبيعى، بسعر ثابت، لدولة ما فى الشرق اللأوسط؟

    تحياتى.

     أبو العلاء @ 02:39 2006/10/01

  7. قصدي كدا يا درش. هذه هي العلاقة بين السلمي و الحربي في ما يتعلق بالنووي.

    أبوالعلاء، تساؤلاتك كلها صائبة.
    كنت أتوقع مثلك أن تعتمد الحكومة على التقنية الأمريكية، و هو ما جعلني أتوجس و أغرق في نظريات المؤامرة و الأبواب الخلفية و أحصنة طروادة (ما فيش نووي مفتوح المصدر؟)، إلا أن أخبارا عن اتفاقات تعاون تقني مع الصين و روسيا جعلتني أتمهل، ثم أستغرب: متى ظهرت هذه الاتفاقات و الموضوع كله عمره أسبوع؟ هل عمره أسبوع؟ هل هي مزيد من الدعاية عن نيات لتوقيع اتفاقيات تصورها الأخبار على أنها وقعت فعلا؟

    أولا: قلقك من تخزين النفايات لدينا في محله تماما. فنحن ليست لدينا القدرة على تأمين نفاياتنا نحن، أرض مصر ليست كبيرة بما يكفي مثل الدول القارات، و حتى تلك لم تسلم من تسربات النفايات إلى الخارج و إلى المياه الجوفية و غيرها.

    ناهيك عن أن نصبح مزبلة العالم النووية لمن يدفع. و هي فعلا مسألة أثيرت من قبل عن حاويات من القمامة استوردها أشخاص، و تم ردها. آخر قضية من هذا النوع تعامل فيها الدول المتقدمة الدول النامية على أنها مزابلها، و إن لم تكن مصر هي الوجهة النهائية فيها – كانت قضية حاملة الطائرات الفرنسية كلمنصو.

    إشارتك إلى أن تصبح مصر و الدول النامية هي مفاعلات أوروبا و أقبيتها التي يعمل فيها فحامون لتدفئة السادة الأوربيين أيضا واردة. على أننا كان يمكن أن نقوم بدور مورد الطاقة للغرب عن طريق تقنيات توليدها من الشمس و الرياح، إن أردنا.

    ثانيا: يعتمد رخص – أو لنقل جدوى – إنتاج الطاقة من الرياح و الشمس على تغير في المفاهيم، يحول هيكل السوق منتجين و مستهلكين إلى المصادر البديلة و عندها تنخفض تكلفة إنتاجها و تداولها و تزيد الاستثمارات في تحسينها. هذا التحول في المفاهيم يمكن تحفيزه عن طريق برنامج وطني طموح يرى الصورة الكلية، و لا يقتصر على الجزئيات.

    ثالثا: نحن حاليا لا نفتقر فقط إلى المعرفة التقنية و الأساس البحثي النظري لبناء تقنية نووية مصرية فاعلة و سليمة و آمنة و سيقتصر دورنا على استيرداها و محاولة تعلم تشغيلها (أو التظاهر بذلك)، بل أننا لكون حكومتنا مواطنا مطيعا في النظام العالمي الامريكي فإننا سنقبل غالبا أن نعتمد على استيراد الوقود النووي من دول أخرى، و لن نلجأ إلى تخصيب اليورانيوم بأنفسنا لأننا لا نريد أن نغضب أحدا منا. هذا هو لب مشكلة إيران: إصرارها على إنتاج الوقود بنفسها و رفضها مبادرات توريده من روسيا أو أي مكان آخر.

    و كما كتبتَ أعلاه فإن مجال إنتاج الطاقة ليس من الأانشطة الاقتصادية لاتي تتسبب في استيعاب العمالة و توسع الأسواق و دوران رؤوس الأموال، على العكس تماما من تقنيات الطاقة المتجددة: سخانات شمسية فوق المنازل و المنشآت العامة و الفنادق، مزارع رياح عامة و خاصة في التجمعات القائمة و الجديدة، تقنيات لتوليد الطاقة الحيوية من القمامة و المخلفات الزراعية. كل منها يساهم بنسبة في سد الاحتياج من الطاقة، و تقليل التلوث و النمو الاقتصادي، كلها في نفس الوقت!

    سؤالك عن بيع الغاز لإسرائيل أموت و أعرف اجابته!

      ألِف @ 02:59 2006/10/01

  8. هل هذا يعني أن أمريكا توافق على أن تتحرك مصر في اتجاه امتلاك الأسلحة النووية؟؟ وهل تعتقد أنه أمر منطقي أن اسرائيل تشاهد ذلك بدون تعليق؟
    مع ملاحظة أن هذا ليس بالأمر الجديد، ففي أول الثمانينات بعد تولي مبارك للحكم اتجه إلى قرار انشاء المحطات النووية، ولم تكن المشكلة الإيرانية موجودة عندئذ ولم تكن هناك أية حساسية لدى الغرب في ذلك، بل إن ألمانيا وفرنسا وأمريكا كانت تتنافس فيما بينها فيمن ينشئ لنا المحطة (وكان الاتجاه الأكبر أن تقوم ألمانيا بانشاءها مع أنه في رأي واحدة مصرية – والمفروض أنها الأعلم بيننا بالأمر – فإن المحطات الأمريكية هي الأفضل)، وقد توقفت الخطة بناء على قرار مصري بعد حادثة تشرنوبيل
    وأعتقد أن تسارع فرنسا في الاعلان عن تأييدها للقرار المصري حالياً هو في اتجاه التنافس على من ينشئ المحطة (بالذات أنهم لما أعلنوا تأييدهم كان السؤال المنطقي هو مين طلب رأيكم؟؟؟)

      darsh-safsata @ 09:31 2006/10/01

  9. و الله يا جماعة الموضوع منتهى على حسب الأخبار التى سمعتها. و مسألة إن فرنسا قد تخطف الصفقة من ماما أمريكا خارج الحسبان. الأمر يعتمد أولا و اخيرا على الرغبة الأمريكية. النفوذ الأوروبى فى مصر موجود لكن محدود. ثم إن فرنسا بالذات غير ناجحة بصورة مقنعة فى وقف التغلغل الأمريكى فى مناطق نفوذها المعتادة فى غرب و وسط أفريقيا. ما بالك بمصر، جوهرة التاج الإمبراطورى الأمريكى؟

    فى نظرى المتواضع حكومة بوش تسعى إلى تنشيط مبيعاتها من التكنولوجيا النووية بدليل الصفقة مع الهند. تخيل الحياة على الكوكب بعد خمسين سنة حيث يعتمد عدد كبير من الدول على الوقود النووى الأمريكى و التكنولوجيا الأمريكية لتوليد الطاقة. هل هناك تصور أفضل للهيمنة من ذلك؟

    هذه النوعية من التحركات تتم بهدف إجهاض التفكير المحلى. يعنى مثلا إيران تنتج وقودها النووي ـ موضوع مكلف و يحتاج إلى وقت طويل نسبيا. تأتى أمريكا أو روسيا أو الاتحاد الأوروبى و يقولون ما رأيكم فى شراء الوقود جاهزا و توفير نفقات البحث؟ ثم إن تقنيتنا أفضل مما يمكنكم الوصول إليه و أنتم فى حاجة للمال لتحسين خدمات الصحة و التعليم. ثم إن شئتم بعنا لكم الوقود النووى بالتقسيط.

    الهدف هنا هو إجهاض العمل المحلى لتجنب تحول إيران من مستهلك إلى منتج و من ثم منافس.

    مشكلة مصر الكبيرة هى فى هذا الإجهاض المتتابع لأى محاولات محلية.و بما أننا لا نبدأ فنحن لا نصل.

    على سبيل المثال:

    أخبرنى صديق يعمل فى مجال معالجة المياة أن الحكومة الرشيدة تدفع للمكتب الاستشاري المسؤول عن محطات معالجة المياة نسبة من القيمة الكلية لنكاليف العملية. يعنى: من مصلحة المكتب الاستشارى أن تكون التكاليف أكبر ما يمكن. يعنى: المكتب الاستشاري سيكون تقييمه بالضرورة سالبا لأى مشروع محلى يهدف إلى استخدام تقنية أقل تعقيدا من المستورد. طبعا التقنية المحلية أقل فعالية و لكن الفعالية مقاسة بالنسبة للتكلفة أفضل من الاستيراد. لكن المكتب الاستشارى لن ينظر لذلك و سيركز على ضعف الخبرة المحلية (و أن المشروع ذو أهمية للأمن القومى و لابد من توافر معايير “عالمية” … إلخ) و إنخفاض كفاءة الحل المحلى. طبعا قضية الاستشارى هى أن الحل المحلى سيخفض دخله من العملية من 20 مليون إلى 1 مليون.

    مثال آخر:

    لنتخيل معى مهندسا فى أحد المعاهد الحكومية و لنقارن بين حالتين:

    حالة رقم واحد: كلف المعهد بتقديم تصميم مشروع حكومى مصري.
    النتيجة: المرتب كما هو بالإضافة إلى حوافز إضافية فى حدود الاألف جنيه فى الشهر.

    حالة رقم إثنين: كلف المعهد بالإشراف على التعاقد مع شركة أجنبية لإنجاز التصميم و تدريب المهندسين و الفنيين لتشغيل المشروع.
    النتيجة: المرتب كما هو بالأضافة إلى حوافز شهرية فى حدود الألف دولار فى الشهر (طبعا لوجود الشريك الأجنبى) بالإضافة إلى فرصة السفر لإلى بعثة تدريب بالخارج حيث تصل التسعيرة إلى 50-80 دولارا فى اليوم (و اكثر جدا للمديرين و ما هو اعلى).

    مثال آخر:

    لنتخيل معيد فى الجامعة المصرية على وشك العمل على رسالته للدكتوراة.

    حالة رقم واحد: دكتوراة فى مصر.
    لا مراجع. لا إنترنت (قد يكون تحسن الآن قليلا). مشرف معقد نفسيا و غالبا لا فكرة لديه لا عن المطلوب محليا و لا أحدث ما توصل إليه عالميا. سيستمر فى التدريس (مرهق و يمتص الوقت) و مرتبه سيظل متواضعا بما لا يسمح بالزواج و لا حتى الخطوبة.

    طبعا المشرف نفسيته سيئة لأنه يركب سيارة أسوأ من الكثير من الطلبة (و بالطبع هو يفكر فى مصير أولاده و وضعهم المستقبلي فى السلم الاجتماعي). أما أنه ليست لديه فكرة فلأنه للمشرف أيضا لا مراجع و لا إنترنت. لا يفيد أن المشرف خريج أكبر جامعات الغرب لأنه بعد سنوات من الركنة و الإحباط إنتهى!

    حالة رقم إثنين: بعثة رسمية للخارج.
    النتيجة: الدراسة فى أى جامعة عالمية تقبله. راتب شهرى مجزى جدا (أكبر من منحة الدكتوراة الغربية) و أيضا زيادة للراتب فى حالة و جود عائلة.

    و الأمثلة كثيرة.

    الخلاصة:

    فى مصر كلما ساهمت فى إنفاق أموال البلد فى الخارج كلما زاد دخلك الشخصي و وجاهتك الاجتماعية.

    هييييييييييييييييييييييييه! دنيا!

     أبو العلاء @ 17:54 2006/10/01

عذرا، التعليقات مقفلة.